سورة الشعراء - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


{طسم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (2) لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (4) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (6) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (7) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9)} [الشّعراء: 26/ 1- 9].
افتتحت هذه السورة بأحرف {طسم (1)} للتنبيه، وتحدّي العرب بالإتيان بمثل القرآن الكريم، باعتباره متكوّنا من مادة لغتهم وحروفها الأبجدية، وهم أهل الفصاحة وفرسان البلاغة والبيان. فإذا عجزوا عن ذلك دلّ على أنه كلام الله الموحى به إلى نبيّه. وهذه هي آيات القرآن الواضحة الدالّة على تمييز الحق من الباطل، والهدى من الضّلال.
ولعلك أيها النّبي بسبب تكذيب المشركين لدعوتك قاتل نفسك ومهلكها بالهمّ حزنا على عدم إيمانهم. وهذا إيناس له عما كان فيه من القلق والحرص على إيمانهم.
إننا إن شئنا ننزل عليهم آية سماوية تلجئهم إلى الإيمان وتقسرهم عليه، فتصبح رقابهم خاضعة ذليلة لما نريد، ولكنا لا نفعل ذلك، لأننا نريد أن يكون الإيمان عن طواعية واختيار ورضا تام، لا بالإكراه.
لكن هؤلاء الكفار، كلما جاءهم كتاب من السماء يذكّرهم به الرّحمن بضرورة الإيمان وترك الشّرك، أعرضوا عنه، وكلما أنزل الله موعظة تذكّرهم، جدّدوا الإعراض والتكذيب. والقصد من قوله تعالى: {مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ} أي محدث الإتيان، والمراد أن مجيء القرآن للبشر كان مجيء شيء بعد شيء.
فإنهم كذبوا القرآن والحق، ثم بادروا إلى الاستهزاء، فسيعلمون نبأ هذا التكذيب والاستهزاء، في مستقبل الزمان.
ولما كان إعراضهم عن النظر في الإله الصانع أعظم كفرهم، وكانوا يجعلون الأصنام آلهة، ويرفضون كل تذكرة، نبّه الله تعالى على قدرته وأنه الخالق المستحق العبادة بقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ} أي أو لم ينظروا إلى الأرض التي أوجدها الله، وأنبت فيها من كل صنف ونوع حسن متقن، كثير النفع، من الزروع والثمار، فيستدلّوا بذلك على عظمة سلطان الله، وعظيم قدرته. ويشمل ذلك كل ما به قوام الحياة والأمور، والأغذية والنباتات، ويدخل في ذلك الحيوان، لأنه عن إنبات، كما قال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (17)} [سورة نوح: 71/ 17]. قال الشعبي: الناس: من نبات الأرض.
إن في ذلك الإنبات للأشياء لدلالة على قدرة الخالق للأشياء، وقدرته على البعث والإحياء، ومع هذا ما آمن أكثر الناس، بل كذبوا به وبرسله وكتبه، وخالفوا أمره، واقترفوا نهيه ومعصيته.
وإن ربّك أيها الرسول النّبي لهو القادر على كل ما يريد، القاهر الغالب، الذي قهر كل شيء وغلبه، الرّحيم بخلقه ولا سيما التائبين منهم، فلا يعجل انتقامه من العصاة، بل يمهلهم ويؤجلهم، لعلهم يرجعون عن غيّهم وضلالهم، ثم إن لم يرجعوا يأخذهم بالعقاب أخذة فجأة وألم وحسرة. والمراد من آية: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (9)} أنه عزّ في نقمته من الكافرين، ورحم مؤمني كل أمة، وفي لفظة {الرَّحِيمُ} وعد كريم من الله بإضفاء رحمته على أهل التوبة والإيمان، ووعد الله منجز، وفضله سابغ شامل.
قصة موسى عليه السّلام مع فرعون:
1- تذكير فرعون بتربية موسى:
إن محنة الأنبياء عليهم السلام شاقة وصعبة، لا سيما إذا كان تبليغ دعوتهم لمثل فرعون المتألّه الطاغية الجبّار، ولكنهم ملزمون بتنفيذ الأمر الإلهي، فقد أمر الله موسى بدعوة فرعون إلى عبادة الله وحده، وإرسال بني إسرائيل معه ومع أخيه، فعاتبه فرعون على فعلته الخطأ بقتل مصري، وامتن عليه بتربيته عنده صغيرا، ولكن موسى عليه السّلام اعتذر عن فعلته بأنها خطأ محض، وكانت قبل النّبوة، وقابل الامتنان بالتربية بأن فرعون فعل ما هو أخطر وأسوأ وهو استعباد قومه بني إسرائيل. وهذا ما قصّه علينا القرآن الكريم، ليظلّ عبرة لمن يتذكر أو يخشى، فقال الله سبحانه:


{وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ (11) قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (17) قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (19) قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (22)} [الشّعراء: 26/ 10- 22].
التقدير في بدء الكلام: واذكر إذ نادى ربّك موسى، وسوق هذه القصة تمثيل لكفار قريش لتكذيبهم محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم، وإيناس للنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم عما يلقاه من صدود قومه وتكذيبهم له. والمعنى:
اذكر أيها الرسول لقومك حين نادى الله موسى من جانب الطور الأيمن بالوادي المقدس طوى، وناجاه، وجعله رسولا، وأمره بالذهاب إلى فرعون وملئه الظّالمين أنفسهم بتأليه فرعون، واستعباد بني إسرائيل، وقال له: قل لهم: ألا يتقونني ويخافون انتقامي في الآخرة؟! والعبارة: {أَلا يَتَّقُونَ} جمعت بين معنى نفي التقوى عنهم، وأمرهم بالتقوى.
فقال موسى مجيبا ربّه: يا ربّ، إني أخشى تكذيبهم لي، فأقع في ضيق الصدر، وعدم انطلاق اللسان، تألّما بما يعملون، فاجعل معي أخي هارون رسولا نبيّا مثلي، يعينني ويؤازرني، وكان هارون عليه السّلام وزيرا فصيحا، واسع الصدر.
ثم أبدى موسى مخاوفه من فرعون وقومه، ومنها خوف القبط من أجل ذنبه، وهو قتله الرجل الذي وكزه، فخشي أن يقتصّ منه، فقال الله له ردّا لقوله: {كَلَّا} لا تخف من شيء، فإني متكفّل بتغلّبك ونصرك. وأمره ربّه أن يذهب مع أخيه هارون بآيات الله: وهي جميع ما بعثهما الله تعالى به، وأعظم ذلك: العصا، ثم اليد، إننا سامعون ما يقولون وما يجيبون.
وقال لهما: اذهبا إلى فرعون، فقولا له برفق ولين:
إننا رسولان من ربّ العالمين، فأطلق حرية الإسرائيليين وأرسلهم معنا إلى الأرض المقدسة، ليعبدوا الله بحرية، وكانت بعثة موسى إلى فرعون بأمرين: أحدهما: إرسال بني إسرائيل وإزالة ذلّ العبودية والغلبة عنهم، والثاني: أن يؤمن فرعون ويهتدي مع قومه.
وقوله تعالى: {إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} وارد على جهة التعظيم والجبروت الذي لله تبارك وتعالى، وليس المراد من {مُسْتَمِعُونَ} طلب الاستماع، وإنما إظهار الاهتمام لإيناس موسى عليه السّلام.
فكان موقف فرعون متميّزا بالإعراض والازدراء، والتقريع والعتاب بأمرين:
الأول: قوله- أي فرعون- لموسى: ألم نربّك في قصورنا صغيرا، ولم نقتلك كبقية الصّبية، ومكثت معنا مدة من السنين، قيل: إنها ثلاثون سنة. ثم تقابل الإحسان بجحود النعمة، وتبادرنا بالقول الغريب؟! الثاني: فعلت فعلتك الشنيعة وهي قتل الرجل المصري القبطي الذي وكزته، فقضيت عليه، وهو من رعيّتي وأتباعي. والفعلة: المرة من الفعل.
وكانت الفترة بين قتل القبطي وبين رجوع موسى إلى فرعون نبيا: أحد عشر عاما غير أشهر، كما ذكر ابن عطية.
فأجابه موسى: فعلت تلك الفعلة السّيئة وهي قتل القبطي، وأنا من المخطئين غير المتعمّدين، قبل أن يوحى إلي بالرسالة والنّبوة. فولّيت هاربا منكم إلى أرض مدين، خوفا من بأسكم، فوهب لي ربي الحكم، أي الفهم والعلم والنّبوة. وأما الامتنان بالتربية فلم تكن تربية حسنة، وإنما أسأت إلى قومي بني إسرائيل، حين استعبدتهم، فجعلتهم عبيدا وخدما أذلاء، فهل الإحسان إلى رجل واحد منهم له اعتبار إذا قورن بالإساءة إلى مجموع قوم، قتّلت أبناءهم، واستبقيت نساءهم أحياء للخدمة؟! إنها ليست بنعمة لأن الواجب كان ألا تقتلني وألا تقتلهم، وألا تستعبدني ولا تستعبدهم بالقتل ولا بالخدمة وغير ذلك. فحاجّه موسى في الأمرين.
2- النّقاش الدائر حول إثبات وجود الله بين موسى وفرعون:
استمرّ الجدل والحوار مدة من الزمان بين موسى عليه السّلام وفرعون حاكم مصر، وقد ابتدأ الحوار حول التاريخ الماضي لموسى في مصر، في عهد الطفولة والشباب، ثم دخل الحوار في أمر جوهري حول إثبات وجود الله تعالى، والتعرف على حقيقته وذاته، فكان جواب موسى صارفا البحث عن حقيقة الذات الإلهية، إلى بيان المهم والمفيد: وهو بيان الأفعال والآثار الدّالة على الله تعالى. وهذا ما أوضحته الآيات الآتية:


{قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (23) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ (25) قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31)} [الشّعراء: 26/ 23- 31].
حينما لم يجد فرعون فائدة في الجولة الأولى من المبارزة أو الجدل مع موسى عليه السّلام حول التربية وترك القتل، اتّجه إلى معارضة موسى في قوله: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ} فاستفهمه استفهاما عن مجهول من الأشياء، كما يستفهم عن الأجناس الغريبة، فقال فرعون: وما حقيقة ربّ العالمين الذي أرسلك؟ وهل هناك إله غيري؟
فأجابه موسى عليه السّلام: الله: هو خالق السماوات والأرض ومالكهما ومدبّرهما، والمتصرّف فيهما، والمهيمن على ما بينهما من مخلوقات، كلهم خاضعون لله طوعا أو كرها، وذلك إن كنتم موقنين بضرورة إسناد هذه المحسوسات إلى موجود واجب الوجود لذاته، فاعلموا أنه هو الله، ولا يمكن تعريفه إلا بأفعاله وآثاره.
فقال فرعون الذي لم يعجبه الجواب، لمن حوله من حاشيته، على سبيل التّهكّم والاستهزاء وتكذيب موسى: ألا تعجبون من جوابه، وألا تستمعون لمواربته وبعده عن الجواب الحقيقي؟ أسأله عن حقيقة ربّ العالمين، فيذكر أفعاله وآثاره.
فأجاب موسى بجواب آخر أخصّ مما سبق وأدلّ على المقصود، لأنه واقع محسوس مشاهد لهم: إن الله تعالى هو خالقكم وخالق آبائكم المتقدمين، فهو الذي أحدثهم وأوجدهم، وهو الواجب لذاته، الباقي بعد فناء خلقه، لا أول له ولا آخر.
فلم يرض فرعون أيضا بهذا الجواب.
وقال لقومه: إن رسولكم الذي أرسل إليكم لا عقل له، ولا يفهم السؤال، وإنه لمجنون يخلط في كلامه.
فأجاب موسى عليه السّلام بجواب ثالث أوضح: إن الله تعالى هو ربّ المشرق الذي تشرق منه الشمس في الصباح، وربّ المغرب الذي تغرب فيه الشمس في المساء، ومثلها سائر الكواكب والنجوم الثوابت والسّيارة، مع انتظام دورانها في مداراتها. وهذا الجواب يبين مدى عجز فرعون الذي لم يكن له إلا ملك مصر، وأما الله سبحانه فله ربوبية المشرق والمغرب. وذلك إن كنتم تعقلون هذا الكلام وتفكّرون في قدرة الله تفكيرا سليما.
ثم اتّجه فرعون إلى الملاذ الأخير للتّغلب على موسى عليه السّلام: وهو التّهديد باستخدام القوة والقهر، والطّرد أو السجن، فقال لموسى: لئن اتّخذت إلها غيري، لأجعلنك في عداد المسجونين في غياهب السجون، وتبقى فيها حتى تموت، وكان سجن فرعون أشدّ وأسوأ من القتل.
فقال موسى عليه السّلام قولا يناسب التهديد والوعيد: أتفعل هذا وهو السجن، ولو أتيتك بحجة واضحة على صدق دعواي النّبوة؟ وهي المعجزة الخارقة للعادة، الدالة على وجود الله تعالى.
قال فرعون: فأت بهذا الشيء الذي يشهد لك، ويدلّ بوضوح على صدق رسالتك إن كنت صادقا في دعواك ومؤيّدا في قولك.
يلاحظ من هذا الحوار المثير أن هناك بعدا شديدا في وجهات النظر والمواقف بين موسى النّبي، وبين فرعون الحاكم، وليس هناك استعداد لدى فرعون بالاستجابة لهدي النّبوة والرّسالة الإلهية، لأن غرور السلطة والجبروت يحجب فرعون عن التفكير السديد، ويجعله أسير الاعتماد على الحكم الغاشم وادّعاء الألوهية.
3- معجزة موسى عليه السّلام:
من المعلوم أن كل نبي يحتاج عادة لبرهان غريب لإثبات صدقه في ادّعائه النّبوة والرّسالة، وذلك يتم بما هو معروف بالمعجزة: وهي الأمر الخارق للعادة، أي بما لا يستطيعه البشر العاديون بحسب المعتاد. وكانت معجزة كل نبي تتناسب مع عصره.
وتفوق مألوفات العصر، فموسى عليه السّلام كانت معجزته العصا واليد التي أحبطت عمل السّحرة، وفاقت السّحر كله، وعيسى عليه السّلام كانت معجزته إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله، مما فاق عمل الأطباء وخبراتهم، ومحمد صلّى اللّه عليه وسلّم كانت معجزته القرآن الكريم أرقى مستوى بلاغي في الفصاحة والبيان، فلم يستطع العرب الفصحاء مجاراته والإتيان بمثله. قال الله تعالى مبيّنا معجزة موسى عليه السّلام:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6